لن أقوم هنا بتحليل أحداث يوم الجمعة حتى لا نغرق في دوامة التكهنات أو نتّيه في متاهة التفاصيل لكني هنا أوضح وأوكد على عدة مفاهيم بديهية يحاول إعلام الثورة المضادة الالتفاف عليها وتعمية الشعب المصري عنها
وما ينبغي أبتداء أن ندركه جيداً عن أحداث الجمعة أنها ليست جريمة عظمى ولا فاحشة بيّنة وإنما هو حدث طبيعي يحدث في كل دول العالم بغض النظر عن مستوى تقدمها الاقتصادي والاخلاقي والعلمي ، بل أقول أكثر من هذا أن ما حدث من تجاوزات بالأمس يخفي ورائه ظاهرة صحية وهى أن هذا الشعب الذي كنا نصفه بالميت والمحنط قام من رقدته وأنتفض لكرامته عندما أسُتفز من اليهود ، نعم قد يبدوا متجاوزاً في ردة فعله ,لكن هذا ناتج تداخلات أخرى في الحدث كغباء الشرطة في التعامل مع الموقف منذ بدايته حين انسحبت كلياً ثم ظهرت فجأة في عنفوان المشهد بصورة مكثفة ومستفزة ثم حجم الاهانة الدموية التي لحقت بالشعب والتي زاد من الآمها موقف تركيا المشرف من اليهود ومقارنته بالموقف المخزي من الحكومة في التعامل مع الازمة وأخيراً التناقض البيّن من الشرطة والجيش إزاء معاملة مجرمين النظام السابق ومعاملة بعض مرتكبي الجرائم البسيطة من الشعب .
- الثورة لم تحْكم حتى ُتحاكم ، فلا زالت الثورة تجاهد وتعاني حتى تثبت أقدمها فوق وحل النظام "السابق – الحالى" والذي يقاتل من أجل البقاء وللأسف كل التهم التي علقت في رقبة الثورة حتى الان هي جرائم أعدائها وحسب .
- النخبة الثورية كانت الرأس الذي الّتحم مع العامة الذين يمثلون الجسد فقام شامخاً منتصراً ,والثورة المضادة الأن تحاول بكل عنف فصل هذا الرأس عن ذاك الجسد حتى يعود الثوار نخبة مغردة خارج نطاق الواقع وحدود الوطن .
- في كل بلاد العالم يوضع القانون المدني لضبط إقاع الدولة ونظام المجتمع عند الازمات أما في بلادي فيوضع القانون المدني للتسلية واللهو بينما يكتفي قانون الطوارئ وحده بحل الازمات ، كأن المصريين قطيع من العبيد لايصلحه إلا العصا الغليظة !!
- إعلام الثورة المضادة يحاول تجريد الشعب المصري من أقوى أسلحته وهي تلك الثقة في النفس التي اكتسبها من ثورته وذلك عن طريق جلد الذات وتضخيم الأخطاء وإظلام المشهد الثوري , وما ينبغي التأكيد عليه الان أن الشعب المصري من أفضل الشعب وأطيبها سريرة وأقواها إرداة وأكثرها صبراً وجلداً وأشدها تكاتفا ولا ينقصه سوى قيادة تتق الله فيه وترعى مصالحه بعيداً عن مصالحها الشخصية
-على الشعب أن يلقى وزر ما حدث يوم الجمعة عن كاهله ويخرج ليقول للحكومة نحن لسنا قطيع من النعاج لا نريد قانون الطوارئ ونريد حكومة منتخبة بأصواتنا وإرادتنا ونريد رقابة صارمة على أداء هذه الحكومة عبر برلمان منخب يمثل الشعب لا يمثل أعدائه
إن هذه الكبوة التي حدثت يوم الجمعة يراد للشعب الايقوم منها وأن يقبر فيها وهذا هو التحدي الحقيقي الان لكل المصريين .